أحاديث، مقابلات، وندوات

ندوة شعرية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك

تقديم أحمد عبد الرحيم الغزالي

هذه نبذة مختصرة من كلمة قدم بها رئيس النادي العربي، في الأمم المتحدة، الأستاذ أحمد عبد الرحيم الغزالي، الشاعر، في ندوة مخصصة لقراءة شعره والتعليق عليه، نظمت بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، وذلك في 15/ أيلول، سبتمبر 1992:

" لا نستطيع إذا قرأنا قصائد الشعراء الموفـقيـن المجيدين، إلا أن نقرر أن النسقين الفكري والخيالي، كل منهما يطـَّرد اطـِّرادا جميلاً، آخذا بمشاعر السامع والقارئ، فلا يزاحم بيت بيتا، في معناه أو مبناه.

"وليس الشاعر الخليق بهذه الوصف إنسانا كسائر الناس. . . بل هو إنسان مُنَح نعمة السمو في الخيال وبلاغة التعبير وخلق المعاني. وقد مُنحت له هذه الميزة ليشارك في عملية التقدم العام لركب الخليقة، وليملأ قلوب الناس وأسماعهم بالحب والسمو والتطلع إلى الأمام والكفاح من اجل مستقبلهم، ويحثهم على التعاون والتضامن والعمل والإيمان بالحياة وبخالق الحياة.

"وهذا الأديب الموهوب زعيم بالفطرة توجهه نفسه الكبيرة بطبيعتها، إلى أن يحرك في شعبه الشعور بالحاجة إلى التقدم المستمر، ويوقظ في وعيه الطموح إلى الكمال، بتلك الصرخات التي يرسلها، سواء كانت مؤلفة في كتب أو منظومة في قصائد ودواوين، أو مصورة في مقالات وتحليلات . . .

"من هؤلاء الشعراء شاعرنا الأستاذ علاء الدين الأعرجي، زميلنا العزيز الجليل، ذو الذوق الرفيع والإبداع الحسن.

"علاء، من الشعراء الذين حاولوا أن يحافظوا على التقاليد في الشعر العربي، ويمزجون هذه التقاليد بالشعر العربي الحديث، وبالروح الجديدة التي هزت الشعر هزا ً عنيفا.

"هو بين القديم والجديد، لم يترك القديم على قدمه، ولم يغرق في الجديد على حداثته.

"حاول أن يحافظ على التفعيلات الأساسية، لكنه حاول وما يزال يحاول أن يأخذ ببعض التفعيلات الحديثة. . . وكأنه يسعى إلى التجديد عندما يجد إلى ذلك ضرورة في قصائده الطويلة مثل قصيدته "دفتر دربي، كلمات من دفتر الحياة". وأراه مبدعاً في هذه القصيدة، وفي قصيدة" عند الأصيل: غزل بريء ومطر جريء"، معنا ً ومبنىً.

"كذلك يحاول جاهدا ً صوغ صور جديدة للشعر محتفظاً، إلى حد لا بأس به، بالصور والتخيلات العربية القديمة. ويبدو أن أقصى اجتهاده ينصب على إبقاء الرصانة اللغوية للشعر، والبُعد عن استعمال ألفاظ ركيكة أو مبتذلة. يبحث عن الكلمة الجزلة والعبارة الدقيقة والرقيقة.

"أما من حيث الموضوعات، فإن علاء يطرق عديداً من ألوان الشعر، كالشعر العاطفي والإنساني والوطني والفلسفي والانطباعي، وشعر المناسبات. وقد ترجم سيرة حياته شعراً."

ويضيف الناقد، احمد عبد الرحيم، لدى تقديمه لقصيدة "دفتر دربي، كلمات من دفتر الحياة" ما يلي:

"ترجمة ذاتية لحياة الشاعر في شكل قصيدة، تشتمل على أهم مراحل هذه الحياة، ليست كتلك التي نقدمها للحصول على وظيفة أو ترقية، لكنها شقاء الحياة وسعادتها، وآمالها وآلامها، أفراحها وأحزانها، ذكريات الحب الأول بـــلمحات شعرية رقيقة وعميقة، ذكريات الطفولة المعذبة، والحيرة في فهم الوجود، في ظل أبٍ شاعرٍ مُبدعٍ ومجاهدٍ عنود.... هي قصيدة ملحمية تتساءل عن سر الكون البعيد، والحياة والموت، هي القضاء والقدر. هي زخم من المشاعر ووثبات الفكر وتجليات الروح: هي الفرح والحزن، الشك واليقين، النور والظلمة، وهي مع كل هذا تحفل بالأمل والحث على العمل، والتطلع إلى الأمام دائما وأبدا"